فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدًا) الظرف منتصب بفعل محذوف قدره بعضهم باذكر وقدره الزمخشري بقوله(نصب يوم بمضمر أي يوم نحشر ونسوق نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف) وقال غيره العامل فيه قوله فيما بعد(لا يملكون) وجملة {نحشر} مضافة إلى الظرف وفاعل {نحشر} ضمير مستتر تقديره نحن و{المتقين} مفعول به و{الى الرحمن} متعلقان بنحشر و{وفدا} حال وقد تكرر ذكر {الرحمن} في هذه السورة ست عشرة مرة.(وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْدًا) عطف على الجملة السابقة و{وردا} حال أيضا أي واردين كما يرد العطاش إليهم مشاة عطاشا يكاد يقتلهم الظمأ.(لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْدًا) الجملة مستأنفة مسوقة لتقرير حال الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم ولا علاقة لها بالفريقين المتقدمين فلا نافية ويملكون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل تعود على الناس كلهم والشفاعة مفعول به وإلا أداة حصر ومن اسم موصول محله الرفع على البدل من الواو أو النصب على الاستثناء المتصل وجملة {اتخذ} صلة و{عند الرحمن} ظرف متعلق بمحذوف هو المفعول الثاني لاتخذ و{عهدا} هو المفعول الأول واختار أبو البقاء والزمخشري أن يكون الاستثناء منقطعا هذا وقد اضطربت الأقوال في هذه الآية ولهذا سنفرد بها بحثا خاصا في باب الفوائد.(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَدًا) جملة {اتخذ الرحمن ولدا} مقول القول و{اتخذ الرحمن ولدا} فعل وفاعل ومفعول به.(لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) اللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق و{جئتم} فعل وفاعل و{شيئا} مفعول به و{إدا} صفة.(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) {تكاد} من أفعال المقاربة العاملة عمل كان و{السموات} اسمها وجملة {يتفطرن} خبرها والنون فاعل و{منه} جار ومجرور متعلقان بيتفطرن {وتنشق الأرض} فعل مضارع وفاعل {وتخر الجبال} فعل مضارع وفاعل و{هدا} مصدر في موضع الحال أي مهدودة أو مفعول مطلق لأنه مصدر على غير لفظ الفعل وانما هو مرادفه لأن الخرور هو السقوط والهدم واختار الزمخشري أيضا أن يكون مفعولا لأجله أي لأن تهد وهدّ يستعمل متعديا ولازما فعلى الوجه الاول هو متعد لأنه صيغ منه معنى اسم المفعول وعلى الثاني هو لازم لأن خر لازم ومرادفه يجب أن يكون مثله فتأمل هذا فانه دقيق.(أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَدًا) أن وما في حيزها مصدر فيه ثلاثة أوجه البدلية من الهاء في منه فهو كقوله:
على حالة لو أن في القوم حاتما ** على جوده لضنّ بالماء حاتم

فقد روي حاتم مجرورا لأنه بدل من ضمير جوده وسنتحدث في باب الفوائد عن هذا البيت والنصب بنزع الخافض والجار والمجرور في محل نصب مفعول لأجله علل الهدّ بدعاء الولد للرحمن والرفع بأنه فاعل هدا أي هدها دعاء الولد للرحمن.
و{دعوا} فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين و{للرحمن} متعلقان بدعوا و{ولدا} مفعول {دعوا} الثاني والأول محذوف تقديره معبودهم لأن معنى {دعوا} سموا وهي تتعدى لاثنين ويجوز دخول الباء على الثاني تقول دعوت ولدي بزيد ودعوت ولدي زيدا، وقال الشاعر:
دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن ** أخاها ولم أرضع لها بلبان

وقال آخر:
ألا رب من يدعى نصيحا وإن يغب ** تجده بغيب منك غير نصيح

وقال الزمخشري: اقتصر على أحدهما الذي هو الثاني طلبا للعموم والإحاطة بكل ما دعا له ولدا، أو من دعا بمعنى الذي مطاوعه ما في قوله عليه السلام: من ادعى إلى غير مواليه وقول الشاعر:
إنا بني نهشل لا ندعي لأب عنه ** ولا هو لا بالأبناء يشرينا

أي لا تنسب إليه. {وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} الواو حالية أو عاطفة و{ما} نافية و{ينبغي} فعل مضارع و{للرحمن} متعلقان به و{أن يتخذ} مصدر مؤول في محل رفع فاعل و{ولدا} مفعول به.
{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْدًا} {إن} نافية و{كل} مبتدأ و{من} مضاف اليه و{في السموات والأرض} متعلقان بمحذوف صلة {من} ويجوز أن تكون {من} نكرة موصوفة بالجار والمجرور لأنها وقعت بعد كل نكرة ولعله أولى و{إلا} أداة حصر و{آتي الرحمن} خبر و{عبدا} حال من الضمير المستتر في {آتي} (لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) اللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق و{أحصاهم} فعل وفاعل مستتر ومفعول به و{عدهم} عطف على {أحصاهم} و{عدا} مفعول مطلق. {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْدًا} الواو عاطفة و{كلهم} مبتدأ و{آتيه} خبر، وكل إذا أضيف إلى معرفة ملفوظ بها نحو كلهم وكل الناس فالمنقول أنه يجوز أن يعود الضمير مفردا على لفظ كل فتقول كلكم ذاهب ويجوز أن يعود جمعا مراعاة للمعنى فتقول كلكم ذاهبون أما إن حذف المضاف المعرفة فالمسموع من العرب الوجهان لأن الأول أنكره بعضهم، و{يوم القيامة} ظرف متعلق بآتيه و{فردا حال}. {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا} {ان} واسمها وجملة {آمنوا} صلة وجملة {عملوا الصالحات} عطف على {آمنوا} وجملة {سيجعل} خبر {ان} و{لهم} مفعول يجعل الثاني و{الرحمن} فاعل و{ودا} مفعول يجعل الاول وهذا الجعل بالنسبة للدنيا طبعا أي يزرع في قلوبهم مودة من غير تودد منهم. {فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} الفاء الفصيحة لأنها عطفت على مقدر كأنه قيل بلغ هذا المنزل عليك وبشر به وأنذر فإنما يسرناه وانما كافة ومكفوفة وقد أفادت التعليل لهذا المقدر ويسرناه فعل ماض وفاعل ومفعول به و{بلسانك} متعلقان بمحذوف حال أي جاريا، {لتبشر} اللام للتعليل وتبشر فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وبه متعلقان بتبشر و{المتقين} مفعول به {وتنذر} معطوف و{به} متعلقان بتنذر و{قوما} مفعول به و{لدا} صفة. {وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ} {كم} خبرية مفعول مقدم لأهلكنا و{قبلهم} ظرف متعلق بأهلكنا و{من قرن} تمييز وقد تقدم تقريره والمراد أمة. {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} {هل} حرف للاستفهام الانكاري و{تحس} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنت و{منهم} حال لأنه كان صفة لأحد و{من} حرف جر زائد و{أحد} مجرور بمن لفظا مفعول به منصوب محلا {أو} حرف عطف و{تسمع} عطف على {تحس} و{لهم} حال و{ركزا} مفعول به.

.البلاغة:

انطوت خواتيم سورة مريم على فنون عديدة:
أولها: التكرار فقد تكرر ذكر الرحمن كما قلنا ست عشرة مرة في السورة معظمها في خواتيمها والفائدة فيه أنه هو الرحمن وحده لا يستحق هذا الاسم غيره وخلق لهم جميع متطلباتهم التي بها قوام معايشهم فهل اعتبر الإنسان؟ أم لا يزال الغطاء مسدولا على عينيه والوقر يغشى أذنيه؟ فمن أضاف اليه ولدا جعله كالاناسي المخلوقة وأخرجه بذلك عن استحقاق هذا الاسم الجدير به وحده.
وثانيها: الالتفات في قوله {لقد جئتم} التفت من الغيبة إلى الخطاب لمشافهتهم بالأمر المنكر الذي اجترحوه، والبدع العجيب الذي ارتكبوه.

.الفوائد:

1- قلنا أن أقوال المعربين اضطربت في قوله تعالى: {لا يملكون الشفاعة} إلى آخر الآية وقد اخترنا ما رأيناه- في نظرنأ- أمثل الأوجه وننقل فيما يلي لمعا من أقوالهم مع التعليق عليها بما يناسب المقام فقد تورط الزمخشري، وجلّ المعصوم، بقوله(ويجوز أن تكون- أي الواو في يملكون- علامة للجمع كالتي في أكلوني البراغيث) من جهتين الأولى إنه نسب إلى القرآن وهو أبلغ الكلام أردأ اللغات وأشدها نكرا حتى لقد ضرب المثل بقبحها والثانية أنه إذا جعله علامة لمن فقد كشف معناه وأفصح بأنها متناولة جمعا ثم أعاد على لفظها بالإفراد ضمير اتخذ ففيه الاعادة على لفظها بعد الاعادة على معناها بما يخالف ذلك وهو مستنكر عندهم لأنه إجمال بعد إيضاح وذلك تعكيس على طريق البلاغة وانما محجتها الواضحة الإيضاح بعد الإجمال.
وقال البيضاوي: {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} إلا من تحلى بما يستعد به ويستأهل أن يشفع للعصاة من الايمان والعمل الصالح على ما وعد اللّه تعالى أو إلا من اتخذ من اللّه إذنا فيها كقوله تعالى: {لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ} من قولهم عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به ومحل الرفع على البدل من الضمير أو النصب على تقدير مضاف أي إلا شفاعة {من اتخذ} وهو شبيه بالرأي الذي جنحنا اليه إلا أنه جنح إلى القول بأن الاستثناء منقطع. وعبارة أبي حيان: والضمير في {لا يملكون} عائد على الخلق الدال عليهم ذكر المتقين والمجرمين إذ هم قسماه والاستثناء متصل ومن بدل من ذلك الضمير أو نصب على الاستثناء و{لا يملكون} استئناف اخبار. ثم أورد أقوالا عديدة نضرب عنها صفحا.
وقال أبو البقاء: لا يملكون حال إلا من اتخذ في موضع نصب على الاستثناء المنقطع وقيل هو متصل على أن يكون الضمير في يملكون للمتقين والمجرمين وقيل هو في موضع رفع بدلا من الضمير في {يملكون}.
وفي الكرخي شارح الجلالين: قوله أي الناس قدره تمهيدا لجعل الاستثناء في قوله إلا من اتخذ منصلا لدلالة ذكر الفريقين المتقين والمجرمين إذ هما قسماه وقيل ضمير يملكون عائد على المجرمين المراد بهم الكفار، قال بعضهم لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم كما يملك المؤمنون. وحسبنا ما تقدم فقد طال مجال القول.
2- عودة إلى بيت الفرزدق:
ونعود إلى بيت الفرزدق وهو من أبيات له يعتذر عما وقع منه في السفر مع دليله عاصم العنبري حين ضل عن الطريق والأبيات هي:
فلما تصافنا الأداوة أجهشت ** إلى غضون العنبري الجراضم

فجاء بجلمود له مثل رأسه ** ليشرب ماء القوم بين الصرائم

على حالة لو أن في القوم حاتما ** على جوده لضنّ بالماء حاتم

والتصافن اقتسام الماء القليل بالصفن وهو وعاء صغير لنحو الوضوء والأداوة ظرف الماء وجمعها أداوى وإيقاع التصافن عليها مجاز لأنها محل الماء والمراد تقاسمنا الماء فهو مجاز مرسل علاقته المحلية والجهش والإجهاش تضرع الإنسان إلى غيره وتهيئته للبكاء اليه كالصبي إلى أمه، وغضون الجلد مكاسره، وإسناد الإجهاش إليها مجاز عقلي أو مجاز مرسل علاقته المحلية أيضا لأنها محل ظهور أثره والجراضم واسع البطن كثير الأكل والمراد بالجلمود إناء صلب كبير مثل رأسه أي رأس العنبري وفيه إشارة بارعة إلى حمقه لأن افراط الرأس في العظم أمارة البلادة وفي الصلابة أيضا اشارة إلى ذلك وقوله بين الصرائم جمع صريمة وهي منقطع الرمل إشارة إلى أنهم كانوا في مفازة عمياء لا ماء بها على حالة ضنكة بحيث لو ثبت في تلك الحالة أن حاتما في القوم مع جوده المشهور لبخل بالماء وعلى بمعنى في ورواية المبرد في كامله على ساعة. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة مريم عليها السلام:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قد ذكرنا الكلام على الحروف المقطعة في أول البقرة فليتأمل من ثم. قوله تعالى: {عص} يقرأ بإخفاء النون عند الصاد لمقاربتها إياها واشتراكهما في الفم، ويقرأ بإظهارها لأن الحروف المقطعة يقصد تمييز بعضها عن بعض إيذانا بأنها مقطعة، ولذلك وقف بعضهم على كل حرف منها وقفة يسيرة، وإظهار النون يؤذن بذلك.
قوله تعالى: {ذكر رحمة ربك} في ارتفاعه ثلاثة أوجه أحدها هو خبر مبتدأ محذوف: أي هذا ذكر. والثانى هو مبتدأ والخبر محذوف: أي فيما يتلى عليك ذكر. والثالث هو خبر الحروف المقطعة ذكره الفراء وفيه بعد لأن الخبر هو المبتدأ في المعنى وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة، ولا في ذكر الرحمة معناها، وذكر مصدر مضاف إلى المفعول، والتقدير: هذا أن ذكر ربك رحمته عبده، وقيل هو مضاف إلى الفاعل على الاتساع، والمعنى: هذا إن ذكرت رحمة ربك، فعلى الأول ينتصب عبده برحمة، وعلى الثاني بذكر، ويقرأ في الشاذ {ذكر} على الفعل الماضي، ورحمة مفعول، وعبده فاعل، و{زكريا} بدل على الوجهين من عبده، ويقرأ بتشديد الكاف ورحمة وعبده بالنصب: أي هذا القرآن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أو الأمة، و{إذ} ظرف لرحمة أو لذكر.
قوله تعالى: {شيبا} نصب على التمييز، وقيل هو مصدر في موضع الحال، وقيل هو منصوب على المصدر من معنى اشتعل لأن معناه شاب، و{بدعائك} مصدر مضاف إلى المفعول: أي بدعائي إياك.
قوله تعالى: {خفت الموالى} فيه حذف مضاف: أي عدم الموالى أو جور الموالى ويقرأ خفت بالتشديد وسكون التاء، والموالي فاعل: أي نقص عددهم، والجمهور على المد وإثبات الياء في: {ورائي} ويقرأ بالقصر وفتح الياء، وهو قصر الممدود.
قوله تعالى: {يرثنى} يقرأ بالجزم فيهما على الجواب: أي أن يهب يرث، وبالرفع فيهما على الصفة لولى، وهو أقوى من الأولى لأنه سأل وليا هذه صفته، والجزم لا يحصل بهذا المعنى وقرئ شاذا يرثنى وارث على أنه اسم فاعل، و(رضيا) أي مرضيا، وقيل راضيا، ولام الكلمة واو وقد تقدم، و(سميا) فعيل بمعنى مساميا، ولام الكلمة واو من سما يسمو.
قوله تعالى: {عتيا} أصله عتو على فعول، مثل قعود وجلوس، إلا أنهم استثقلوا توالى الضمتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم قلبت الواو التي هي لام ياء لسبق الأولى بالسكون، ومنهم من يكسر العين إتباعا ويقرأ بفتحها على أنها مصدر على فعيل، وكذلك بكى وصلى وهو منصوب ببلغت: أي بلغت العتى من الكبر: أي من أجل الكبر، ويجوز أن تكون حالا من عتى، وأن تتعلق ببلغت، وقيل {من} زائدة، وعتيا مصدر مؤكد أو تمييز أو مصدر في موضع الحال من الفاعل.
قوله تعالى: {قال كذلك} أي الأمر كذلك، وقيل هو في موضع نصب: أي أفعل مثل ما طلبت، وهو كناية عن مطلوبه.
قوله تعالى: {سويا} حال من الفاعل في تكلم.
قوله تعالى: {أن سبحوا} يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى أي، و(بقوة) مفعول أو حال (وحنانا) معطوف على الحكم: أي وهبنا له تحننا، وقيل هو مصدر (وبرا) أي وجعلناه برا، وقيل هو معطوف على خبر كان.
قوله تعالى: {إذ انتبذت} في: {إذ} أربعة أوجه: أحدها أنها ظرف والعامل فيه محذوف تقديره: واذكر خبر مريم إذ انتبذت.
والثانى أن تكون حالا من المضاف المحذوف.
والثالث أن يكون منصوبا بفعل محذوف: أي وبين إذ انتبذت فهو على كلام آخر كما قال سيبويه في قوله تعالى: {انتهوا خيرا لكم} وهو في الظرف أقوى وإن كان مفعولا به.
والرابع أن يكون بدلا من مريم بدل الاشتمال، لأن الأحيان تشتمل على الجثث، ذكره الزمخشري وهو بعيد، لأن الزمان إذا لم يكن حالا من الجثة ولا خبرا عنها ولا وصفا لها لم يكن بدلا منها، وقيل {إذ} بمعنى أن المصدرية كقولك: لاأكرمك إذ لم تكرمني: أي لأنك لم تكرمني، فعلى هذا يصح بدل الاشتمال: أي واذكر مريم انتباذها، و(مكانا) ظرف، وقيل مفعول به على المعنى إذ أتت مكانا (بشرا سويا) حال.
قوله تعالى: {لأهب} يقرأ بالهمز وفيه وجهان: أحدهما أن الفاعل الله تعالى، والتقدير: قال لأهب لك.
والثانى الفاعل جبريل عليه السلام، وأضاف الفعل إليه لأنه سبب فيه.
ويقرأ بالياء وفيه وجهان: أحدهما أن أصلها الهمزة قلبت ياء للكسر قبلها تخفيفا.
والثانى ليهب الله.
قوله تعالى: {بغيا} لام الكلمة ياء، يقال بغت تبغى، وفي وزنه وجهان: أحدهما هو فعول: فلما اجتمعت الواو والياء قلبت الواو ياء وأدغمت وكسرت الغين إتباعا، ولذلك لم تلحق تاء التأنيث كما لم تلحق في امرأة صبور وشكور.
والثانى هو فعيل بمعنى فاعل، ولم تلحق التاء أيضا للمبالغة، وقيل لم تلحق لأنه على النسب مثل طالق وحائض.